إننا نفهم المصطلحات الواردة في الكتاب والسنة على وفق فهم الصحابة والتابعين، وهذا لا يتعارض مع قولنا: على ضوء لغة العرب؛ لأن الصحابة هم أفصح الناس وأعلمهم باللغة، فقد نزل القرآن بلغتهم، وتلقوه وآمنوا به، وعلموه وفهموه، وحفظوه وطبقوه وعملوا به، وهم عرب أقحاح محتج بلغتهم، فاللغة حاصلة عندهم، وزيادة على ذلك هم أهل الإيمان والدين، فهم حجة من جهة اللغة، وفوق ذلك هم حجة في الدين وفي الفهم.
فإذا فهم الصحابة والتابعون و
السلف من كلمة قرآنية معنى ما، لم يجز لأحد بعدهم أن يخالفهم، وإلا كان واقعاً في أحد أنواع التأويل الثلاثة: إما الكفر أو البدعة أو الخطأ؛ فأقل ما يقال: إنه أخطأ، لأنه أتى بكلمة لم يفهمها الصحابة و
السلف من كتاب الله، وهم أعلم الناس به، فهم المرجع إذاً.
ولهذا لا يمكن أن نستغني أبداً عن فهم
أهل السنة للقرآن والسنة، ونكتفي باللغة.
فلو جاء أحدهم وقال: إن عندي
تاج العروس! أكبر القواميس والمعاجم في اللغة العربية، فأقرأ القرآن وأنظر معناه من
تاج العروس، فنقول: هذا تصرف خاطئ،
فالأصل أن تأخذ معنى الآية من كتب التفسير التي تفسر القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بكلام الصحابة والتابعين، ثم بكلام العرب وشعرهم، هذا هو المنهج الصحيح لفهم القرآن والسنة، فيجب أن نعي ذلك جيداً، وألا ننسى هذه القضية الأساسية التي يخالفنا فيها أهل البدع؛ مثل المعتزلة، ويخالفنا فيها إلى حد ما الأشاعرة، ويخالفنا فيها الصوفية والباطنية خلافاً شديداً، ويخالفنا فيها في هذه الأيام وفي هذا العصر الحداثيون.